( تابع ماقبله ــ 14 ــ )

إن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد ، وترين عليها غواشي الحياة ومفاتنها ، فتحجبها عن ربها ، وتضرب بها في بيداء الجهالات والمنكرات ،
ولا سبيل إلى العلاج والتقويم والتطهير والأصلاح إلا التذكير الدائب والارشاد المتواصل ،
وكما رأينا في الحلقة السابقة وما قبلها ، كيف تألبت على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قوى الشر ، وتضافرت عليه جيوش الكفر ، فما زاده ذلك إلا إيمانا وتسليما ، ومكر به المجرمون الآثمون ، فمكر الله له ، وهو خير الماكرين ،
قال الله تعالى في محكم التنزيل :
{ وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكفرون هذا سا حر كذاب * أجهل الآ لهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجا ب * وانطلق الملأ منهم أن ا مشوا واصبروا على ءالهتكم إن هذا لشئ يرا د * ماسمعنا بهذا في الملة ا لآخرة إن هذا إلا اختلق * أء نزل عليه الذكر من بيننا بل هو في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب * أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب * أم لهم ملك السموات والأ رض وما بينهما فليرتقوا في الأ سبب * جند ما هنالك مهزوم من الأ حزاب *} .
لم يكتف عبدة الحجارة وسدنة الشرك بهذاالحد من اختلاق الأ كاذيب الباطلة ، وترويج الشائعات الملفقة ، بل جاوزوه الى الأ عتداء على البدن ، والتعذيب للجسد ، وأغروا به سفهاء هم ، فعفروه صلى الله عليه وسلم بالتراب ، ورموه بالحجارة ، وادموا قدمه الشريف ، وأ لقوا الفضلات على ظهره وهو ساجد ،والشوك في طريق مروره ، وكذبوه وآ ذ وه ، وسخروا منه واستهزئ به ، واتهموه بالشعر والسحروالكهانة والجنون ، وسبوه وشتموه وهجوه ، وحاصروه وأهله ومن معه من المؤمنين في الشعب لمدة ثلاث سنوات ، عانوا فيها الجوع والحرمان مالا يخطر ببال ، ونال منه المشركون مالم ينالوه من كثير من المؤمنين ،
وكان شر من استهزأ بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من عناهم الله تعالى بقوله :
{ إنا كفيناك المستهزئين * الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون } .
وها هي أسماؤهم، عليهم لعنة الله والملا ئكة والناس أجمعين ، وإيذائهم لسيدنا رسول الله عليه افضل الصلاة وأتم التسليم ، ولصحابته، ونهاية حياتهم ،
1 -أبو لهب : واسمه ، عبد العزى بن عبد المطلب القرشي ، وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم . وكان من أشد الناس تكذيبا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكثرهم أذى له . وقد هلك بمرض خبيث يقال له ( مرض العدسة ) ، وكان ذلك عندما بلغة هزيمة المشركين وقتل صناد يدهم ( يوم بدر ) ، فمات شر ميتة .
2 -أم جميل العوراء بنت حرب أخت ابو سفيان : زوجة أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت مثل زوجها في العداوة للرسول عليه الصلاة والسلام ، حتى أنها كانت تحمل الشوك فتطرحه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يمر ،
وقد أنزل الله فيها وفي زوجها قرآنا يتلى إلى يوم القيامة ، وهى سورة ( المسد ) كما تقدم سابقا . وأم جميل هذه هي التى لقبها الله في كتابة : ( بحمالة الحطب ) ،ولم تذكر المراجع التي بين يدي كيف هلكت وهي على كفرها .
3 - الوليد بن المغيرة المخزومي . وهو الذي كان يقول لقريش إن الناس يأ تونكم في الحج ، فيسألونكم عن محمد ، فلا تختلف أقولكم فيه ، بأ ن يقول البعض هو شاعر، والآخر يقول هو كاهن ، ولكن قولوا كلمة واحدة هو ساحر ، لأنه يفرق بين المرء وأخيه وزوجته وعشيرته ، وقد هلك بسبب أنه وطئ على سهم فخدشه فتورمت رجله ، ومات بذلك شر ميتة .
###############