( تابع ما قبله ـــ 4 ــــ )

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم :
{ لقد من الله على المؤ منين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين }.
إذ ا كان للأ مم ( غير المسلمة ) على اختلاف ألوانها ومللها أعيادا تحرص عليها، وذكريات تعتز بها،
فإن اللإ سلام ولله الحمد قد جعل للمسلمين عيد ين يحتفلون بهما وهما :
1 ــ عيد الفطر ، الذي يأتى بعد الأ نتهاء من فريضة صيام شهررمضان.
2 ــ عيد الحج الأكبر ، الذي يأتى بعد الأنتهاء من الركن الأول في الحج وهو الوقوف بعرفات.
ولكن في التاريخ الإ سلا مي ذكريات نعتز بها نحن المسلمين ، منها:
* الذكرى العطرة فى الشهر الكريم ، ( شهر ربيع الأول ) الذي ولد فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على أغلب الروايات .

** خروجه فيه من مكة إلى غار بجبل ثور أسفل مكة مع صديقه – أبي بكر الصديق - رضي الله عنه،
{ ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا }.

*** و في هذ ا الشهر أيضا دخل المدينة عليه الصلاة والسلام مع رفيقه الصديق ، مهاجرا إليها ، امتثالا لأمر الله الذى أخرجه من أحب البقاع اليه .

**** وتوفى عليه الصلاة والسلام يوم الأ ثنين الثانى عشر من شهرربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة المباركة ، وفى مثل الوقت الذى دخل فيه المدينة ،
فيوم الأثنين الثانى عشر من شهر ربيع الأول ولد فيه، ووصل دار الهجرة فيه، وتوفي فيه ، ولذا كان يصومه صلى الله عليه وسلم ويقول :
( يوم الأ ثنين ولدت فيه وأوحي إلي فيه ).

وهكذا كلما دار القمر دورته وأهل علينا ( شهر ربيع الأول ) مزهوا بيوم الأ ثنين الثانى عشر منه ، نتذكر ميلاد سيد الأ نبياء وإمام المتقين سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله، الذى طلع في أفق الوجود بدره، في وقت كان المجتمع البشرى يعاني فيه دورا من أدوار الوهن والأنحلال، يكاد لضعفه يشرف على الفناء، فمن وهن في العقائد ، وفساد في العادات ، وافتتان في اللذات ، وإذلال للنفوس ، وقسوة على الضعفاء.

في تلك الآونة شاء ت إرادة الله إن تهئ للأ نسانية من يفك إسارها ، ويطلقها من أغلالها ، فطلعت شمس الرسول لتبدد بأ شعتها عن النفوس ظلمات القسوة والطغيان ، وبدت بمطلعه مخايل الخير، وملا مح البر، وقد رأت أمه عند ولادته نورا أضاء ت له جنبات الأرض ، فكانت ولادته عليه الصلاة والسلام بشير خير ، ومشرق هداية ، ومطلع سعد ، اختاره الله من أرفع البوت والمنازل ، واختار لمولده أجمل البقاع وأشرف الأماكن ، فقد كانت مكة المكرمة مطمح الأ نظار ، ومهوى الأ فئد ة والأ فكار ، ومقصود الحجاج والعباد والنساك ، ولها كرامة الأ من والسلام ، فهي أنسب البيئات لأن يشرق منها نور الدعوة الى التوحيد ويسمع منها صوت الداعى الى الحق ، كما سمع صوت سيدنا ابراهيم الخليل عليه وعلى سائر الأ نبياء افضل الصلاة واتم التسليم من قبل ، حين أذن في الناس بالحج .

وحتى مع تعلق بعض المسلمين بالأ حتفاء بالمولد الشريف فى شهرربيع الأول، والأجتماع لسماع السيرة النبوية لسيد الأ نبياء والمرسلين، أمر محبب ، وفيه الكثير من الفضائل مادام يتم في جو إسلامي ، دون ابتداع أوانحراف ، وذكره صلى الله عليه وسلم في كل حين ، إلا أن بعض من أهل العلم لايقولون بسنبة الأ حتفال بالمولد الشريف في ليلة مخصوصة ، ويعدون ذلك بدعة لم يفعلها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ يجب الأ حتفاء به صلى الله عليه وسلم في كل وقت وحين ، نتذكره ونصلى عليه امتثالا لأمر الله عز وجل :
{ إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما }.

فاذا احتفل المسلمون بميلاد الرسول العظيم، فمن الواجب عليهم أن يتذكروا انما يحتفلون بميلاد السعادة يرفرف على العالمين ، وبالعدل والمساواة ، والرحمة والأ خاء ، وان الأ حتفال الحق بميلاد النبي العظيم ، أن نبذل مما أعطانا الله للمحتاجين ، ونواسي المنكوبين ، ونشيع الأمن فى البلاد ، ونحب الخير للعباد ، ونطهر قلوبنا من الحقد والفساد ، والعداوة والبغضاء ، وأن نعتصم بكتاب الله المجيد ، ونقتدي بسيرة نبينا الزكية وأخلا قه المرضية ، وأن نكثر من الصلاة والتسليم علي جنابه العظيم ، عسى أن يجعلنا الله تعالى يوم القيامة ممن ينالون شفاعته ، ويرزقون صحبته فى جنات النعيم ،
ولاينبغى أن يكون احتفالنا بنصب أعلام الزينة وإضاءة الأ نوار ، وتوزيع الحلوى والمرطبات ، ومد الموائد ، وسماع المدائح والأ ناشيد ، إنما الأ حتفال الحق بأحياء سنته والعمل بشريعته، وا لمحافظة على كتاب الله الذى جاءنا به ، نتلوه حق تلاوته ، ونحفظه ونحفٍظه لأبنائنا وبناتنا ، ونتمسك بأ وامره ، ونتحلى بهديه ، ونبتعد عما نهى عنه ، وأن يكون هوانا تبعا لما جاء به،
{ ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيق . ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما } .

#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#
يتبع.........