المستشار : ياسر بن عبد الكريم بكار
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
سيدي الطبيب أرجو منك أن تفتح لي صدرك لتقبل مشكلتي لأنها بجد تؤرقني كثيرا و تتعبني نفسيا أكثر.
أنا فتاة عمري 20 سنة مشكلتي ببساطة أن أهلي يخافون علي خوفا شديدا فكانوا يمنعوني من الاختلاط بالناس و التعرف على المزيد من الأصدقاء و لكنني حاولت أن أتغلب على ذلك عندما دخلت الجامعة وكونت العديد من الأصدقاء و لكن تبقى مشكلتي أنني لا أستطيع إجادة فن الحوار سواء مع صديقاتي أو مع الجنس الآخر مما يجعلني غير اجتماعية في نظر الناس.
منذ فترة مررت بتجربة عاطفية و لم يكتب لها النجاح بسبب أنني غير اجتماعية فتركني بعد فترة قصيرة وقال عني أنني بلا تجارب و هو عنده حق فيما قال و لكن ليس لي ذنب فيما أنا فيه.
أنا الآن لا أستطيع فتح مواضيع للحوار حتى مع أقرب الناس لي، ولا أعرف متى أتحدث و في أي موضوع أتكلم ولكنني لا أستطيع زيارة طبيب نفسي وأصدقائي يقولون عني أني طيبة زيادة عن اللزوم وأحيانا أتعرض لمواقف فيها إحراج أو إهانة و لا أستطيع الرد فقط لأني لا أفهم ما يقصده الآخرون في التوقيت الذي حدث فيه الموقف.
أنا أريد حلا لمشكلتي و خصوصا من ناحية التعامل مع الجنس الآخر لأني أحيانا أشعر أني غير مرغوبة بسبب سذاجتي في التعامل وانطوائيتي.
أرجو ألا أكون قد أطلت عليك وأرجو منك سرعة الرد و جزاك الله خيرا.
الاجابة :
الأخت الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله..
مرحبا بك في موقع لها أون لاين.. وأهلا وسهلا..
سررت برسالتك سيدتي لأنني أشعر أنك قد خطوت الخطوة الأولى في تطوير نفسك وتغييرها.. ألا وهي الاعتراف بوجود مشكلة وامتلاك الرغبة نحو تغييرها.. تابعي معي الأفكار التالية:
أولاً: امتلاك المهارة الاجتماعية أمر لا ندرسه في المدارس بل نتعلمه من الناس من حولنا.. وهو أمر يتطور يوماً بعد يوم ويحتاج إلى الوقت.. أنا أعرف أشخاصاً كانوا يعانون مثل معاناتك ولكن إيمانهم بأنفسهم وحرصهم على التغيير والمثابرة على ذلك يوماً بعد يوماً وعدم توقفهم أو تراجعهم مع أول تجربة فاشلة.. هذه الأمور هي التي جعلتهم يتقدمون ويحرزون نجاحات في هذا الأمر.
ثانياً: إذا أردت أن تكوني مبدعة في أمر ما راقبي كيف يتصرف المبدعون فيه.. راقبي كيف يبتدئون الحديث.. كيف يستجيبون لمن يحدثهم.. كيف يتصرفون في المواقف المختلفة.. راقبي ذلك وحاولي تطبيق ما يناسبك منها.
ثالثاً: هناك أمور مهمة في تطوير المهارات الاجتماعية.. سأذكر بعضها بما تسمح به المساحة المتاحة..
(أ) حسن الاستماع وفهم ما يريده الآخرون قوله وعدم مقاطعتهم أو عدم فهمهم بشكل مغاير.. قدرتك على الفهم ستنمو شيئاً فشيئاً كلما بذلت جهداً أكبر.
(ب) التعاطف مع الأشخاص الذين يمرون بأي شكل من أشكال الأزمة بأن نقف معهم وأن (نطبطب) على أكتافهم ونساندهم بالكلام المشجع بشكل مقبول وغير مبالغ فيه.
(ج) المهارة في أن نواجه من يستهزئ بنا إذ هناك فرق بين من يتأثر ويغضب ويثور ويُضحك الناس عليه وبين من ينصرف دون تعليق وكأنه يقول: (مقامي أعلى من أن أرد) فيُسكت المستهزئ.
(د) تذكر الأحداث التي مرت بشخص ما وسؤاله عنه فيما بعد.. فلو مرضت أخت زميلتك.. قومي بسؤالها في اليوم التالي أو الذي بعده.. (أوه كيف هي أختك الآن؟) وهكذا.
(هـ) إطلاق النكت.. إذ أننا نفشل كثيراً في إطلاق النكتة الصحيحة في الوقت الصحيح دون أن تكون (قديمة معروفة..!!) أو تجرح مشاعر أحد أو في وقت غير مناسب. قد تقولين أنا لا أعرف أي نكتة.. وأنا كذلك مثلك لكنني تعلمت أنني كلما سمعت نكتة مميزة أن أقوم بحفظها وتكرارها على نفسي حتى أكون جاهزاً في أي لحظة لإطلاقها إذا تأكدت أن الموضوع مناسب لهذه النكتة. وأعرف من يكتب النكت حتى يحفظها بل يراجع مواقع في الإنترنت للنكت حتى يختار نكتاً مميزة..!! وهذا ليس عيباً بل هو محاولة لترقية أنفسنا وهذا أمر جيد.
رابعاً: احتفظي بدفتر سري في البيت.. وسجلي فيه كل يوم ما تعلمتِه من ملاحظات شاهدتِها على الناس وعلى نفسك في كل العناصر التي ذكرتها سابقاً.. إن الكتابة لها مفعول السحر في تطوير فهمنا لأنفسنا وتحسين أدائنا. وكما قلت سجلي بعض النكت وبعض الأساليب في ابتداء الكلام وغير ذلك حتى تبقى أمامك حاضرة وفي رأسك وما عليك سمو اختيار الوقت المناسب لاستخدامه.
خامساً: كوني مميزة في دراستك وثقافتك العامة ومتابعة الأخبار السياسية والاجتماعية من حولك.. كوني حاضرة الذهن ولا تستغرقي في التفكير كثيراً.. بل انظري من حولك. تأملي تفاصيل المباني والشوارع والناس من حولك.. حضور الذهن ومراقبة الواقع له فائدة في تطوير مهاراتك الاجتماعية.
سادساً: انتبهي إلى تقييمك لنفسك وما تقولينه لنفسك عنها..!! عندما أكون ضعيفاً في الحياة الاجتماعية فهذا لا يعني أنني فاشل أو لا أستحق الاحترام والسعادة.. هذا الضعف يجب ألا يؤثر على حياتك وحبك لنفسك لأن هذا سيضر بك أكثر من تأثير ضعف مهاراتك.
ختاماً: هناك الكثير لأقوله لكن أهم شيء يجب أن تعرفيه هو أهمية المثابرة وعدم اليأس والحكم السلبي على النفس. هذا هو الداء القاتل الذي حرم الكثير من الشباب من تطوير أنفسهم.. أتمنى لك كل توفيق ومرحبا بك ثانية في موقع لها أون لاين.