المستشار : ياسر بن عبد الكريم بكار
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا آسفة لكنني والله لقد تعبت ولم أعد أقدر أن أتحمل فقد تعبت من التفكير وتعبت من الوحدة والجلوس في غرفتي.. فأنا مريضة ولم أجد أحدا يفهمني ويساعدني؟؟
مشكلتي أني تعرضت للاعتداء وأنا في الصف الثاني متوسط من خالي الذي كان بالمرحلة الثانوية اعتدى علي أكثر من أربع مرات في أوقات مختلفة.
طبعا بعد بلوغي والله العظيم ما كنت أرضى أن يفعل بي ذلك لكنه كان يفعله بي بالقوة.. كنت أحاول أن أبعده عني بكل قوتي لكنني لم أقدر فكان إذا لم يقدر أن يفعل الذي يريد لأني أحاول أن أمنعه كان يدخل يده بكل عنف لدرجة أنه يده تمتلئ بالدم..
بعدما كبرت وصرت أقرأ في الكتب عرفت أن حياتي انتهت منذ طفولتي وأنا عمري الآن أبلغ من العمر 19 وفي أولى سنواتي الجامعية..
أنا مريضة ولم أقدر أن أتحمل فقد تعبت من التفكير والبكاء والله العظيم أني ليس لي ذنب في ذلك ولكن من يصدقني كل شيء انتهاء في حياتي.. فأنا أدعو عليه دائما بألا يجد التوفيق والسعادة في حياته وأن يرى ذلك في أبناءه وأن يعذبهم كما عذبني..
والله لقد تعبي ولم أقدر أن أتحمل هذا العذاب ويا ليت أقدر انتحر، تكفون ساعدوني أو أدعو لي.. أنا لا أريد من الدنيا إلا أني أعيش مثل أي بنت، لا أريد شرفي أن يداس عليه ظلما؟؟
أتوقع أني ما لي الحق أن أحلم أن أكون بنت مثل باقي البنات.. تكفون والله تفكيري أصبح مشلولا ولا أعرف كيف أتصرف.
أمي هي التي تعيش العذاب مني فأنا قاسية جدا جدا معها، وهذا والله ليس بيدي ولكن هي أخته، وما أكثر الأوقات التي نزلت فيها دمعتها بسببي، فبالأمس كنت أبكي وقالت: ما بك؟ فقلت: (( ما هو شغلك أساسا أنت ما تحسين فيني موتك أرحم لك من حياتك)) وطلعت من عندي تبكي؟؟
والله العظيم ما هو قصدي لكن لا أستطيع أن أوصل ما أريد إلى أمي فهي بعيدة عني جدا، لأن أخيها صار حاجزا بيني وبينها.
أنا أحبها والله العظيم أحبها بس صعب أن أقول لها الذي صار..
تكفووووووون أريد حلا تكفوون الدنيااا عذاااب
الاجابة :
الأخت الكريمة خلود..
السلام عليكم ورحمة الله..
أهلا بك في موقع (لها أون لاين) وشكرا لثقتك الغالية..
قرأت رسالتك كلمة كلمة.. شعرت بذلك الألم الذي يعتصر داخلك.. أسأل الله العظيم لك المعونة..
خلود.. أريدك أن تتابعي معي الأفكار التالية..
هل تعرفين لماذا كل هذا الشعور بالألم.. يقول العلماء أن الألم الذي نعاني منه بسبب الاعتداء الجنسي ليس بسبب الاعتداء نفسه ولكن بسبب طريقة رؤيتنا لهذا الاعتداء.. بسبب ما نقوله لأنفسنا حول هذا الاعتداء.. فأنت تتألمين لأنك تلومين نفسك: (أنا السبب .. أنا الذي سمحت له .. أنا التي أستحق العقوبة .. أنا المخطئة ..أنا مذنبة) وغيرها من أحاديث النفس التي تعزز شيء واحد.. الشعور بالذنب وهذا بلا شك يسبب ألماً رهيباً.
هل أنت مذنبة حقاً؟ أنت تعلمين أن هذا الأمر تم دون موافقتك أو حتى استيعابك لما يحدث فلماذا تلومين نفسك. والله عز وجل كرر في أكثر من مكان في القرآن الكريم لنطمأن أننا لا نحاسب عن مثل هذه الأحداث فلماذا نعاقب أنفسنا دون حق. هذا ليس عدلاً يا خلود..
تخلصي من كل تلك الذكريات المؤلمة.. كيف ذلك؟.. عبر تغيير طريقة رؤيتك لما حدث.. حينما ترددين على نفسك: (لقد تعرضت للظلم من هذا الشخص.. لكن لن أجعله يسيطر على حياتي.. لقد مضى هذا الأمر إلى غير رجعة وأنا ابنة هذا اليوم.. لا..لا لست مذنبة لكن سأضر بنفسي لو عشت ذلك الماضي.. فليذهب إلى غير رجعة).. مثل حديث النفس هذا سيساعدك بشكل كبير على تغيير نظرتك لتلك الحادثة وستتغلبين عليها بمشيئة الله..
سيساعدك أيضاً يا خلود التحدث إلى صديقة مخلصة مؤتمنة، أو زيارة أخصائية نفسية، أو على الأقل كتابة مشاعرك بالتفصيل، ونشرها في بعض المنتديات؛ أعرف أنك تشعرين بالخوف والخجل من الحديث عما حدث.. لكن لا تجعلي ذلك يمنعك من التعبير عن مشاعرك فسترتاحين بشكل كبير.. لذا حاولي التحدث إلى أي شخص تشعرين بأنه سيقدر مشاعرك ويحفظ سرك.. فهذا سيساعدك كثيراً, واكتبي عنها وانشريها باسم مستعار. أما إذا عاودتك تلك الذكريات في اليقظة أو النوم وعكرت عليك حياتك فلابد من زيارة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي متمرس لمساعدتك على التخلص منها، فهناك العديد من التقنيات الفعالة والتي ستساعدك بشكل كبير.. أرجو ألا تتأخري في طلب المعونة من متخصص حتى تتخلصي من هذا الألم إلى الأبد.
ختاماً: كوني متفائلة ومقبلة على الحياة فأنت شابة في مقتبل العمر وأمامك مستقبل باهر.. نعم! لك الحق أن تحلمي وتعيشي كأي فتاة.. أرجو أن تخرجي من هذا السجن الذي ليس لك أي ذنب فيه.. التجئي إلى الله تعالى فهو خير من نقف على بابه وما أحلى دعائه ومناجاته.. تقربي من الله حتى يصبح نصيرك ويعينك على البداية من جديد لحياة مليئة بالحب والخير والفضيلة والجمال.. تقبلي تحياتي ومرحبا بك في موقع (لها أون لاين).